د. حلمى الحديدى رئيس منظمة تضامن الشعوب الإفريقية الآسيوية لـ«الأهرام»:
أتمنى أن تبدأ مصر تحركات لإنشاء السوق الإفريقية المشتركة وتوحيد العملة
28 مايو 2019
أجرى الحوار ــ طارق الشيخ
شركات الطيران المصرية يجب أن تتجه لفتح خطوط جوية إلى كل دول القارة
يراودنى حلم كبير بإنشاء خط سكة حديد لربط الإسكندرية بجنوب القارة
درسنا إنشاء جامعة لوادى النيل مقرها حلايب وشلاتين.. والمشكلة في الإجراءات والتمويل
تعد منظمة تضامن الشعوب الافريقية الآسيوية من أعرق المنظمات الشعبية القارية في العالم، حيث كافحت الاستعمار وبثت روح التعاون والتضامن بين الشعوب منذ تأسيسها في خمسينيات القرن الماضي. واليوم تبحر المنظمة في عالم جديد اختلفت فيه المعايير وكذلك التحديات.
وقد تحدث الدكتور حلمي الحديدي الرئيس الحالي لمنظمة تضامن الشعوب الإفريقية الآسيوية ورئيس اللجنة المصرية للتضامن لـ«الأهرام»، مستعرضا رؤيته للتحديات والآمال المتعلقة بعمل المنظمة في الحاضر والمستقبل، طارحا مجموعة من الأفكار العملية المستندة إلي العمل التضامني الشعبي بهدف تعزيز التعاون المصري الإفريقي في ظل الرئاسة المصرية الحالية للاتحاد الإفريقي والتوجه المصري نحو المزيد من التعاون المتعدد المستويات والمحاور مع دول القارة السمراء. . وفيما يلي نص الحوار:
ماهو دور منظمة تضامن الشعوب الإفريقية الآسيوية وما الذى تواجهه من تحديات؟
منظمة تضامن الشعوب الإفريقية الآسيوية هى منظمة شعبية وتعمل لمصلحة الدولة وفى إطار سياستها وتحاول بكل الوسائل تشجيع وتأكيد التضامن بين آسيا وإفريقيا؛ وبمعنى آخر أنه على الدولة أن تستفيد منها لأنها إن حظيت بالاهتمام نمت وكبرت.
تاريخ المنظمة طويل فهى من أقدم المنظمات فى العالم. وقد تأسست عقب مؤتمر باندونج فى خمسينيات القرن الماضى بواسطة مجموعة دول عدم الانحياز لتكون الظهير الشعبى للمجموعة إيمانا من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بضرورة تضافر الجهود بين الشعوب والحكومات والتعامل الكامل بينهما لتحقيق الأهداف الخاصة بالدول الإفريقية والآسيوية.
وقد نشأت المنظمة فى ظروف وسنوات سيطر فيها الاستعمار القديم على القارتين الإفريقية والآسيوية، فكان للمنظمة دور كبير فى دعم حركات التحرر فى ذلك الوقت، ولقيت من الدولة دعما كبيرا ما مكنها من تأدية دورها.
ولكن بعد انتهاء فترة استقلال الدول الإفريقية والآسيوية ونهاية حقبة الاستعمار القديم أصبحت المنظمة تقريبا بلا عمل. لم تعد المنظمة تحظى من الدول بذات مستوى الاهتمام الذى كانت تحصل عليه سابقا. وكادت المنظمة أن تنقرض.
ماهى جهودكم لإحياء دور المنظمة؟
توليت مسئولية المنظمة منذ 7 سنوات ولم تكن الظروف وقتها مواتية. وحاولت تنشيط دورها بآليات جديدة غير آليات التحرر والاستقلال التى لم يعد لها مكان. انحصرت الآليات الجديدة فى 3 محاور، هى : الثقافة والفن والرياضة. وقد تأكدنا بعد أن درسنا وعرفنا أن ما يجمع الشعوب هو التفاهم الثقافى والتعاون الفنى والتبادل الرياضى فقررنا البدء بها.
وكان أن قمنا بتنظيم مهرجان السينما الآسيوى الإفريقى . ولكن للأسف لم يأت بثماره الحقيقية لصعوبات ومعوقات تمويلية.
وأعدنا إحياء اتحاد كتاب آسيا وإفريقيا وسرنا فى طريق إقامة اتحادات أخرى مثل اتحاد الإعلاميين، وحاليا نحن فى طريقنا إلى إنشاء اتحادات أخرى مثل اتحاد العلميين والقانونيين واتحاد الرياضيين واتحاد الفنانين.
وكثير من اللجان الوطنية التابعة للمنظمة كان معظمها فى حالة «موت» وخاصة فى الدول العربية والشرق الأوسط، بفعل «الربيع العربي». فقمنا باحياء لجان المغرب وتونس ولجنة ليبيا ونحن فى طريقنا إلى إحياء الكثير من اللجان فى دول أخري. وقد أنشأنا لجانا جديدة فى كل من تشاد والكونغو برازافيل وباكستان ومن المنتظر أن ندشن لجانا فى كل من بوروندى وسيراليون.
هل غيرت المنظمة من أسلوب عملها بما يتلاءم مع التغيرات التى طرأت على الساحة الدولية؟
حاليا تعتمد المنظمة على تحقيق الفهم والتقارب بين ثقافات الدول مع الحفاظ على الثقافة المحلية، لأننا نؤمن بأن التنوع قوة. وفيما يتعلق بخطر الإرهاب، الذى يهدد العالم حاليا، قمنا بتنظيم 3 مؤتمرات دولية تهدف إلى حشد الجهود الجماعية على المستوى الدولى كجبهة واحدة لمقاومة ومواجهة الإرهاب وتجفيف منابعه. وحدث نوع من الاستجابة للفكرة.
تتولى مصر رئاسة الدورة الحالية للاتحاد الإفريقي، كيف نجعل من ذلك عملا مثمرا للقارة وشعوبها؟
لدى بعض الأفكار بمناسبة تولى مصر رئاسة الاتحاد الإفريقى العام الحالى (2019). والأفضل هو أن تبدأ مصر بتحركات ومشروعات خلال العام لاستكمالها فيما بعد، وخاصة السوق الإفريقية المشتركة وما يتبعها من توحيد للعملة وتحقيق النمو فى التبادل التجارى وتسهيل انتقال المال والأعمال والايدى العاملة بين دول القارة.
وأقترح أن تتجه شركات الطيران الوطنية المصرية نحو فتح خطوط طيران إلى كل دول القارة الإفريقية.
وفى الكونغو برازافيل التقيت وزيرة الشئون الاجتماعية هناك، حيث أخبرتنى أن هناك كارثة طبيعية ألمت بالبلاد.. التسونامي(موجات المد المرتفع)..وأنها تسببت فى هدم عدة قرى وتشريد أهلها. وهنا واتتنى فكرة: لماذا لاتسهم مصر فى بناء القرى المضارة فى الكونغو، أو أن تسهم فى إعادة بناء قرية واحدة على أن تعاد تسميتها باسم قرية «مصر». إن إعادة إعمار قرية صغيرة واحدة فى إفريقيا لا يكلف الكثير.
وعلينا أن نتوجه بالاستثمار الزراعى المصرى إلى كل دول إفريقيا وخاصة فى المنطقة الاستوائية، حيث خصوبة التربة والأمطار الكثيفة، وإرسال المهندسين الزراعيين المصريين إلى هناك للعمل والعيش وسط الأشقاء الأفارقة (مثلما فعلت الصين ودول أخرى).
وعندما لاحظت سوء الحالة الصحية بين المواطنين الأفارقة فكرت فى أهمية ذهاب أطبائنا إلى هناك.
وقد درست المنظمة فكرة إنشاء جامعة لوادى النيل وتم اقتراح أن تكون حلايب وشلاتين مقرا لها حتى نحقق الاستنارة ونخلق مجتمعا جديدا فى هذه المنطقة. والمشروع مدروس وجاهز للتنفيذ ومخطط لأن تكون البداية بـ4 كليات وفق احتياجات الدول التى ستستفيد منها.
وطالبت بمساحة أرض صحراوية تقدر بـ200 فدان يخصص نصفها للمبانى بينما تتم زراعة 100فدان لتوفر احتياجات الجامعة وتخدمها. فالتعليم هو ما يقرب بين الشعوب الإفريقية.. لكننا نواجه بعض العقبات المتعلقة بالاجراءات والتمويل.
ويراودنى حلم كبير هو إنشاء خط السكة الحديد السريع لربط مدينة الإسكندرية فى أقصى شمال مصر برأس الرجاء الصالح فى أقصى جنوب القارة. وذلك ليربط بين غالبية الدول الإفريقية.
وقد دشنت المنظمة مجلسا إفريقيا صينيا لتقديم الأفكار والاستشارات والدراسات المتعلقة بالمشروعات لمن يريد أن يقوم بعمل مشروعات فى إفريقيا. وللمجلس نشاط فى تونس وليبيا والكونغو ومصر والصين.
فى الوقت الحاضر أصبحت الدول الإفريقية تفكر بشكل جديد، حيث التوجه إلى التنمية والتعامل مع التكنولوجيا المتطورة، فما هو وضع المنظمة فى الشارع الإفريقى حاليا؟
لدينا مكانة عالية وقبول كبير لدى كل شعوب الدول التى ذهبنا إليها وتعاملنا معها. ولكن التحدى الحالى هو صعوبة الانتقال والمشاكل التمويلية المتعلقة به، وعدم قدرة اللجان فى شتى الدول الأعضاء بالمنظمة على سداد الاشتراكات.
ومنذ تأسيس المنظمة لم تسهم لجان الدول الغنية بأى قدر من التمويل وبالتالى يظل الاعتماد على الدعم المصري. وهناك تحديات أخرى صاحبت «الربيع العربي» وتمثلت فى اختفاء دور لجان بعض الدول التى كانت تمثل مصدر دعم قويا للمنظمة مثل ليبيا وسوريا والعراق.
هل تعتقد أن هناك ما يهدد فكرة «التضامن» ذاتها أو ظهور بديل جديد اتجهت إليه اللجان؟
لا أقول إن فكرة «التضامن» مهددة وإنما هى فى حاجة إلى «رعاية» من خلال التواصل ،عبر التزاور والتشاور، وهو الأمر الذى تعوقه الماديات متمثلة فى التمويل. فسقف الطموحات مرتفع ولكن التمويل محدود. لقد انتقل العالم حاليا من مرحلة التضامن من أجل الحرية والاستقلال إلى مرحلة جديدة هى التنمية والاستثمار. والمنظمة لاتعمل إلا فى إطار الفكر والثقافة والفن، وكل ما نأمله هو الحفاظ على المنظمة.