نشرت الاهرام العربي
17 يناير 2019
حوار أجراه : إلهامي المليجى
مصر جزء من إفريقيا ونحن عناصر من جسد واحد
أحلم بخط سكك حديدية يمتد من الإسكندرية إلى رأس الرجاء الصالح
عقد المؤتمر الأول لحركة تضامن الشعوب الإفريقية ـ الآسيوية فى القاهرة فى أواخر 1957 وحتى أول يناير 1958، وانبثقت منه السكرتارية الدائمة لمنظمة التضامن للشعوب الإفريقية ـ الآسيوية ومقرها الدائم بالقاهرة، وهى منظمة دولية شعبية غير حكومية.
وكانت حركة عدم الانحياز قد تكونت كحركة حكومية لبلدان العالم الثالث، باعتبارها تواصلاً رسمياً لمؤتمر باندونج، وأعتبرت منظمة التضامن الامتداد الشعبى لأهداف هذا المؤتمر.
ومنظمة التضامن، منظمة جماهيرية غير حكومية، ذات لجان وطنية تنتمى إليها فى أكثر من 90 بلداً من بلدان العالم، فى آسيا وإفريقيا، كما أن لها لجانا وأعضاء منتسبين فى أوروبا وأمريكا اللاتينية.
وقد ناضلت منظمة التضامن منذ تأسيسها ضد الكولونيالية و«الآبارتهيد» والحروب ومن أجل السلام. كما قدمت المنظمة ولجانها الوطنية المنتمية إليها، وحركات التحرير الأعضاء بها كل دعم لنضال الشعوب فى إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية.
إدراكا للدور التاريخى وانطلاقا من رغبتنا فى الوقوف على ما آلت إليه أحوال المنظمة التقينا الرئيس الحالى الدكتور حلمى الحديدى وزير الصحة الأسبق.
منظمة تضامن الشعوب الآفرو ـ آسيوية واللجنة المصرية اللتان ترأسهما أين هما الآن؟
المنظمة واللجنة حاضرتان وتقومان بنشاط واسع، لكن مع الأسف لا تحظيان بالتغطية الإعلامية الواجبة، ودعنى فى هذا الإطار أطلعك على آخر نشاطاتنا.. أولها إعادة إحياء اتحاد الكتّاب الآفروآسيوى منذ نحو ست سنوات ويرأسه الكاتب الكبير محمد سلماوي، بعد أن توقف لسنوات عقب وفاة رئيسه الأسبق الكاتب والمفكر الراحل لطفى الخولي، ونظم الاتحاد بعد إعادة إحيائه ثلاثة مؤتمرات دولية فى الغردقة والسنغال وفيتنام، ومن ثم تمت إعادة إصدار مجلة اللوتس العريقة التى تعنى بالنشاط الثقافى والأدبى فى البلدان المنضوية فى منظمة التضامن الآفروآسيوى وصدر منها ثلاثة أعداد، ثانيها أننا فى اطار رؤية جديدة لتفعيل أكثر للمنظمة عملنا على إنشاء اتحادات مهنية فكان تأسيس اتحاد الإعلاميين الآفروآسيوى منذ نحو ست سنوات، وكانت الأمين العام الكاتبة الكبيرة سكينة فؤاد التى استقالت أخيرا، فكلفنا الإعلامى الكبير حمدى الكنيسى بتولى الأمانة العامة للاتحاد إلى حين انعقاد المؤتمر العام وانتخاب أمين عام جديد للاتحاد.
ثالث النشاطات أنه من المفترض أن ننظم مؤتمراً دوليا للمنظمة كل ثلاث سنوات، لكننا خلال الستة أعوام الأخيرة قمنا بتنظيمه كل سنتين فى كل من القاهرة وسيرلانكا، ولمرتين تم انعقاده فى المغرب، بحضور رئيس الوزراء المغربى ونائب رئيس الحكومة الفلسطينية زياد أبو عمرو، ونحرص على الاجتماع الدورى كل ستة أشهر للمجموعة العربية الأعضاء فى المنظمة.
رابع النشاطات أعدنا إحياء العديد من اللجان التى كان بعضها قد مات بفعل الربيع العربى وبعضها الآخر مات لأسباب لها علاقة بوفاة القائمين عليها أو انكفائهم عن العمل العام، وفى ذلك أذكر لجان سوريا وليبيا والمغرب والجزائر وتونس ولبنان والبحرين والكويت، ونجحنا فى إعادة إحياء لجنة المغرب التى ساعدتنا فى تنظيم مؤتمرين دوليين هناك، وسافرت إلى تونس والتقيت الرئيس باجى السبسي، ولمست منه تشجيعا ودعما لإعادة إحياء لجنة تونس، ونحاول إحياء كل من لجنة ليبيا ولبنان ونعمل على اختيار نواة للجنة السورية من النخب السورية المقيمة فى مصر، وأخيرا أنشأنا لجنة فى الكونجو برازفيل وترأسها وزيرة المحليات هناك، وأيضا نجحنا فى إعادة إحياء اللجنة الروسية ويرأسها نائب رئيس مجلس الدوما الروسي، وننتظر إعادة إحياء اللجان فى كل من بروندى وسيراليون، وفى سبيل هذا يمكنك أن تدرك حجم الجهد الذى بذلناه فى السنوات الأخيرة.
كما هو معلوم كان للمنظمة دور مهم وفاعل منذ نشأتها فى دعم حركات التحرر الإفريقية، ما جعل المنظمة تضم فى صفوفها لجانا لدول إفريقية عديدة بعد الاستقلال ما رؤيتكم لتطوير خطط التنمية فى إفريقيا؟
ينبعث أى نشاط من إدراك أن مصر جزء من إفريقيا، ونحن عناصر من جسد واحد، ما يتطلب ألا يكون اهتمامنا بإفريقيا موسميا بل يبقى دائما ومتجددا انطلاقا من هذا الإدراك.
فى إحدى زياراتى لجنوب إفريقيا وقفت عند نقطة فى منطقة التقاء المياه الدافئة بالمياه الباردة عند رأس الرجاء الصالح، وحلمت أن يكون هناك خط سكك حديدية يمتد من الإسكندرية إلى رأس الرجاء الصالح تهيئة للقطار الإفريقى الذى يسهم فى حال إنشائه فى تطوير وتعميق العلاقات بين شعوبنا الإفريقية، فضلا عن إسهام هذا المشروع العملاق فى التنمية فى عموم إفريقيا.
نحن فى المنظمة وبالتعاون مع اللجان أعددنا دراسة لإنشاء جامعة حوض النيل، وعرضت الدراسة على عدد من المسئولين المعنيين وننتظر تفاعلهم، أيضا نحلم بسوق إفريقية مشتركة تسهم فى ارتفاع نسبة التبادل التجارى بين بلدان إفريقيا، فضلا عن إسهام السوق فى الترويج للمنتجات الإفريقية على حساب المنتجات الأجنبية.
هل يمكن أن تطلعنا على أبرز ملامح مشروع جامعة وادى النيل أو حوض النيل؟
الجامعة تحتاج إلى ما يقرب من 200 فدان، وسوف تبدأ نشاطاتها بخمس كليات هى الطب والهندسة والزراعة وإدارة الأعمال واللغات الإفريقية، وسوف تكتفى الجامعة ذاتيا بعد عامين من تأسيسها، حيث سيخصص 100 فدان للإنتاج الزراعى والحيوانى بإشراف ومشاركة أساتذة وطلاب كلية الزراعة، ويسهم أساتذة وطلاب كلية الهندسة فى دعم وإنشاء المشاريع الصناعية الصعيرة، وسوف تسهم الجامعة فى حال إنشائها فى تطوير وتنمية البيئة المحيطة، وبعد الحصول على الموافقات الحكومية والأرض سنتوجه إلى الجهات الأهلية الإفريقية، وربما نعمل على اكتتاب عام للشعوب الإفريقية.
هل لنا أن نطلع على الأسباب وراء الضعف النسبى لأداء كل من المنظمة واللجنة؟
إذا ما وقفنا أمام الإمكانات المتاحة، فلا يمكن توصيف الأداء بالضعف، لكن يمكن القول إن النشاط أقل من الطموح، ويرجع ذلك فى أحد أسبابه إلى الإمكانات المادية المحدودة للغاية، فضلا عن أن كثيرا من الزعماء المؤمنين بدور المنظمة رحلوا عن عالمنا، أيضا ـ وهذا هو الأهم ـ عن مؤسسات الدولة المصرية التى كانت الداعم الأساسى للمنظمة لم يعد لديها ذلك الحماس، ولا أدرى لماذا على الرغم من أن الدولة المصرية كانت دوما ترى فى المنظمة إحدى الأدوات المهمة فى دعم وتعميق علاقاتها الإفريقية والآسيوية، وكان التنسيق عاليا بينهما، ونحن نأمل أن تفعل أجهزة الدولة المصرية هذا الفهم، فنحن فى قيادة المنظمة نسعى جاهدين فى كل المحافل الدولية لتسليط الضوء على السياسة المصرية المنحازة للقضايا الإفريقية، وفى هذا أتمنى من المسئولين فى الخارجية المصرية أن يعودوا لتنشيط الشراكة بيننا، ويتمثل ذلك مثلا فى ترتيب لقاءات لنا مع المسئولين الأفارقة والآسيويين ودول عدم الانحياز أثناء زياراتهم إلى مصر، فمثل هذه اللقاءات ترسخ قناعة لدى الأفارقة بأن مصر لا تزال حاضنة لأفكار مؤتمر باندونج وقضايا إفريقيا ودول عدم الانحياز.