بيانات

بيانات

إعلان القاهرة في الذكرى الستين لتأسيس منظمة تضامن الشعوب الأفريقية الآسيوية

إعلان القاهرة
في الذكرى الستين لتأسيس منظمة تضامن الشعوب الأفريقية الآسيوية

 ونحن نحتفل بمرور ستة عقود كاملة على تأسيس منظمتنا لتضامن الشعوب الأفريقية الآسيوية نتذكر بكل الأعزاز الدور المهم والفاعل الذي قامت به لتوطيد الروابط بين شعوبنا وتطوير وتوثيق التعاون بين دولنا ونتذكر بكل التقدير الدور الذي قامت به منظمتنا لحماية السلم العالمي في مواجهة قوى دولية كانت ومازالت تثير الفتن وتشعل الحروب والصراعات المسلحة في العالم ووضعته على حافة حرب عالمية جديدة بما تنتهجه من سياسات متغطرسة تستهدف تدخل في شئون غيرها من الدول والسعي لفرض هيمنتها على شعوبنا.

كما نتذكر بكل الفخر الدور الأكثرأهمية الذي قامت به منظمتنا في دعم حركات التحرر الوطني في قارتينا (أفريقيا وآسيا) ومعهما قارة أمريكا اللاتينية أيضا، حتى نالت كل شعوبها استقلالها الوطني وتخلصت من الاحتلال وأيضا الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، باستثناء شعب وحيد هو الشعب الفلسطيني الذي مازال يرزح تحت نير استعمار بشع شديد العنصرية، يلقى دعماً أمريكياً مباشراً وهو يسرق أراضي الفلسطينيين ويزرعها بالمستوطنات ، ويستولى على مدينتهم المقدسة زهرة المدائن (القدس) ، ويمضي في تهويدها ، ولا يتوقف عن قتل واعتقال وأسر المزيد من أبنائهم وبناتهم وفيهم الأطفال ، ويحاصرهم ويحرمهم من أبسط حقوقهم الإنسانية ، مثل حق التنقل بحرية وأمان داخل بلادهم.

كذلك نتذكر أيضا بكل الرضا الدور الذي قامت به منظمتنا في دعم شعوبنا بعد أن نالت استقلالها ، في مواجهة الاستعمار الجديد الذي سعى لفرض هيمنته الاقتصادية عليها مجدداً بعد أن اضطر لسحب قواته التي كانت تحتل عسكرياً أراضي دولنا.

وفوق ذلك كله نتذكر بكل الاحترام دور القادة والأدباء العظام الذين أسهموا في تأسيس منظمتنا وصاغوا مبادئ باندونج التي قامت على هديها منظمتنا .. وهم نهرو في الهند وسوكارنو في أندونيسيا وشواين لاي في الصين وتيتو في يوغسلافيا وجمال عبد الناصر في مصر ، الذي تحل اليوم الذكرى المئوية لمولده ويتزامن احتفالنا اليوم بمولد منظمتنا مع احتفال مصر بمولده ومعها شعوب العالم الثالث التي رأت فيه زعيماً وطنياً ملهماً.

ولذلك كله:

فإننا نعي أهمية الحفاظ على منظمتنا لحاجتنا لها بعد تجديد شبابها ودعم قدراتها المختلفة والمتنوعة خاصة (البشرية والمالية ) ، وإنشاء لجان وطنية جديدة لها في مزيد من بلاد قارتينا والانفتاح على أمريكا اللاتينية مع الحرص على انتظام اجتماعات منظمتنا .. وذلك لاستكمال تحقيق الأهداف الأساسية التي تأسست منظمتنا قبل ستين عاما ًمضت من أجل تحقيقها ، لكي تمضي قارتينا في انجاز التنمية الاقتصادية المستقلة والمستدامة المتحررة من املاءات بعض المنظمات الاقتصادية الدولية ، التي تتوزع عوائدها بشكل عادل على جميع أبناء أوطاننا، ولكي أيضا تظفر شعوبنا بالحكم الرشيد والدولة الديمقراطية العصرية الحديثة التي تقوم على مبادئ المواطنة والمساواة والعيش المشترك واحترام القانون وحقوق الإنسان والتداول السلمي للسلطة الذي يحتكم إلى صناديق الانتخابات النزيهة والمحايدة ، وتسودها العدالة الاجتماعية... وقبل ذلك كله حتى يحصل الشعب الوحيد الباقي من شعوبنا، وهو الشعب الفلسطيني على استقلاله ، ويتخلص من الاحتلال الإسرائيلي الصهيوني العنصري البشع، ويقيم دولته المستقلة على كامل أراضي الضفة الغربية وغزة وتكون عاصمتها القدس الشرقية، ويصون حق لاجئيه الذين تركوا أراضيهم قسراً وكرهاً في العودة اليها ، خاصة وأن الاحتلال الإسرائيلي يلقى دعماً سافراً من الولايات المتحدة الأمريكية في ظل إداراة ترامب ، التي بعد أن وافقت على اغتصاب اسرائيل للقدس تتآمر اليوم مع الإسرائيليين لتصفية القضية الفلسطينية والاجهاز الكامل على كل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.. وهنا يصير أمراً ملحاً ومهماً أن ندعم حق الشعب الفلسطينيى في مقاومة الاحتلال وموقف القيادة الفلسطينية وقرارات المجلس المركزي الفلسطيني وأن ندعم المقاومة الفلسطينية بكل صورها ، وأن نساعد بكل قوة اللجنة الدولية لدعم الشعب الفلسطيني التي أسستها منظمتنا مؤخرا ، وأيضا أن نحي المواقف الشعبية الرافضة للتطبيع مع اسرائيل خاصة في منطقة الخليج وعلينا مطالبة كل الدول بالاعتراف بدولة فلسطينين ويقترن بذلك بالطبع ضرورة السعي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي السورية (الجولان) واللبنانية (مزارع شبعا والغجر) ، مع التصدي الحازم للتهديدات الإسرائيلية للبنان والاعتداءات الإسرائيلية على سوريا ، والتصدي كذلك للاختراقات التي تقوم بها بعض القوى الإقليمية لأراضيها ومع إدراكنا بأن العالم شهد تغيرات كثيرة وواسعة ، فإن حرصنا على الحفاظ على منظمتنا وزيادة فعاليتها وتوسيع نشاطها يزداد أكثر .. حيث شهد عالمنا الآن تزايداً في العنف والإرهاب ، وأيضاً تزايداً في الحروب التي أصبحت آسيا وأفريقيا ساحة لها وأغلبها حروب بالوكالة ، مثلما هو حادث في منطقة الخليج والشرق الأوسط ، مع محاولات منظمة وممنهجة تستهدف تقويض كيان الدولة الوطنية في قارتينا وتفكيك بعض دولها وتقسيمها إلى دويلات صغيرة ، يسهل فرض الوصاية والهيمنة عليها .. وكل ذلك يحدث في ظل أزمة مالية واقتصادية عالمية لم يبرأ عالمنا منها، بل مهدد بموجات جديدة منها.. كما ارتفعت معدلات الفقر وزادت البطالة في العديد من دول قارتينا في ظل سياسات تقشف منهكة لا تراعي أصحاب الدخول المحدودة ولا تحمي الفقراء من أثار هذه السياسات .. كما تزايدت حدة أزمة البيئة والجفاف والتصحر وسوء المناخ ، وصارت الحرب للأسف هي الوسيلة الوحيدة لحل الصراعات وحل المشاكل والأزمات بين الدول.

وهذه التغيرات التي أصابت عالمنا لا تفرض علينا فقط إحياء روح باندونج التي صاغت رسالة وأهداف منظمتنا ، وهي الروح التي تقوم على التعاون والتضامن بين شعوب العالم الثالث وانتهاج سياسات مستقلة.. إنما هي تضيف لنا مهاما جديدة وأهدافا أخرى ينبغي أن نسعى لتحقيقها مع ما تبقى من الأهداف الأولى التي تأسست من أجل تحقيقها منظمتنا قبل ستة عقود مضت.

علينا أن نتعاون بجدية في الحرب ضد الارهاب الذي طالت شروره الجميع في العالم كله وليس في قارتينا فقط ، لتعقبه لكل التنظيمات الإرهابية والتصدي الحازم لداعيميها الذين يوفرون لها المال والسلاح والملاذ الآمن والغطاء السياسي ، فضلاً عن مواجهة التعصب والتطرف الديني الذي يخلق لنا وحوشاً آدمية تقتل وتدمر وتفجر وتخرب وهنا نجدد الدعوة لعقد مؤتمر دولي لمكافحة الارهاب .. ونشيد بالنجاحات التي حققها الجيش العراقي في تطهير أراضيه ومدنه من سيطرة تنظيم داعش ، وسوريا التي وجهت ضربات قاسمة لهذا التنظيم الإرهابي ، وليبيا التي يصر جيشها على الاستمرار في تطهير أرضه من تنظيمات الإرهاب، ولبنان التي تصدي جيشها أيضا لاعتداءات التنظيمات الإرهابية على أراضيه ومصر التي أحبطت مخططات التنظيمات الإرهابية في السيطرة على مساحة من سيناء ووجهت لها ضربات موجعة وهنا يوجه المجتمعون في مؤتمرنا التحية الواجبة لمصر قيادة وشعباً وجيشاً وأمناً على دورها في محاربة الإرهاب بشكل شامل .

وعلينا أن نتصدى بكل حزم لمحاولات تقويض كيان دولنا الوطنية في قارتينا وتجزأتها لدويلات صغيرة والحرص على وحدة أراضي دولنا وهنا سيكون مفيداً الانفتاح على كل القوي الشعبية في العالم التي تشاطرنا رؤانا ومبادئنا وترفض سعي حكوماتها في فرض الهيمنة والوصاية على الآخرين، أو تعمل على توسيع نفوذها على حساب غيرها .

وعلينا أيضا أن نتمسك بمبدأ حل النزاعات بالطرق السلمية إنهاء الحروب التي تتم بالوكالة في قارتينا وللوقاية من أية حروب جديدة تهدد شعوبنا .. وفي هذا الصدد نجدد دعوتنا لضرورة الحل السياسي واتمام المصالحة السياسية في ليبيا ، وكذلك الحل السياسي للأزمة في كل من سوريا واليمن وندعو لسحب أية قوات أجنبية من كل من العراق وسوريا وأيضا للنزاع حول الصحراء المغربية بتنفيذ مقترح الحكم الذاتي لحماية هذه المنطقة من عدوى الإرهاب ، وكذلك أيضا الحل السياسي النزاع الخاص بقبرص يضمن وحدة أراضيها وكذلك فإننا نجدد دعوتنا أيضا بمنع انتشار الأسلحة النووية في العالم ونرفض الدعوات الأمريكية لإنتاج قنابل نووية جديدة صغيرة كما نرفض أيضا اهانة الرئيس الأمريكي ترامب للدول الأفريقية .

وعلينا أن نتبنى دعوة لتحمل كل الدول المتقدمة لمسئولياتها في ايجاد علاج عادل وانساني لمشكلة اللاجئين النازحين من أماكن الصراعات المسلحة، بما يضمن حق هؤلاء اللاجئين في الحياة والأمن ، واعلان رفضنا للسياسات الأمريكية والغربية المتغطرسة التي تتسم بالمنهجية تجاه اللاجئين وتستهدف التخلص منهم وطردهم من البلاد التي لجأوا اليها ولاذوا بها بحثا عن حياة آمنة.. وفي هذا الصدد ننبه إلى ضرورة تقديم المساعدات الإنسانية للاجئين السوريين تخفيفا لأعباء لبنان.

وعلينا أن نشجع دولنا وحكوماتنا على توسيع نطاق التعاون الاقتصادي الواسع من خلال التعاون الاقتصادي الواسع والمتنوع من خلال التجارة البينية والاستثمارات المشتركة والسياحة، وكذلك التعاون في مجال التكنولوجيا التي تبخل بها الدول الغربية ، ويجب أن نظل ندعو لتمسك الدولة في قارتينا بالمسئولية الاجتماعية التي بدأت بعض دولنا ، خاصة في منطقة الخليج تتخلى عنها بتراجعها عن سياسات الحماية الاجتماعية للطبقات الأقل قدرة .

وعلينا أن نتبنى حملات شعبية على مستوى العالم كله وليس قارتينا فقط لإيجاد حلول لمشاكل وأزمات الفقر والبطالة التي تزيدها حدة ضغوط ونصائح بعض المنظمات الدولية، ومشاكل وأزمات البيئة ، مع تشجيع حكوماتنا ودولنا على أن توحد مواقفها في المحافل الدولية في قضايا المناخ والمياه التي يجب أن يحكمها مبدأ عدم الاضرار بمصالح وحقوق الأخرين الذين يتشاركون معنا في أحواض الأنهار.
وعلينا أن نولي كذلك اهتماما خاصا وكبيرا في أنشطة منظمتنا لدعم وتعميق العلاقات الثقافية بين شعوب قارتينا ، نظرا لأن الثقافة بكل فروعها (الفنية والأدبية والفكرية ) تقرب بيننا وتقوي الروابط بين شعوبنا ، وتمنحنا القدرة على مواجهة الهيمنة الثقافية الأجنبية ، في ظل سعي بعض الدول الغربية على فرض نمط حياتها وقيمها علينا .. وهنا يتعين علينا تنشيط وتفعيل الاتحادات واللجان المتخصصة التي أنشأتها أو أحيتها المنظمة في السنوات الأخيرة مثل اتحاد الكتاب واتحاد الاعلاميين وغيرها.

وأخيرا .. ونحن نحتفل بمرور ستين عاما على تأسيس منظمتنا الذي كان عاملا عظيما فإننا يحدوننا آمال كبيرة في النهوض بها بكي تكون سندا داعما لكل شعوبنا لصياغة مستقبل أفضل لها نحظى فيه بحياة جيدة آمنة وسلام وعدل وديمقراطية وارذهار.

القاهرة 15 يناير 2018