أنشطة و موضوعات

أنشطة و موضوعات

المائدة المستديرة الإطار العام لدستور الثورة

د.حلمى الحديدى: دستور لا يعبر عن إرادة الشعب .. حبر على ورق
د. ثروت بدوى : ليس من حق الرئيس المخلوع نقل السلطة للمجلس العسكرى
د. عاطف البنا : النظام السابق تعدى على دستور 1971 ، وهمش البرلمان والقضاء
د.حسن نافعة : الدستور يكتب وفقا لإدارة المجلس العسكرى والأغلبية البرلمانية

 نبيل زكى : لا يحق لبرلمان اختيار الجمعية التأسيسية منفردا

محسن ثروت : البرلمان مطعون فى شرعيته .. ولا يجب أن ينفرد بكتابة الدستور

أكد د.حلمى الحديدى رئيس اللجنة المصرية للتضامن أن أى دستور لا يحميه الشعب، ليس أكثر من حبر على ورق.. ولكى يحميه الشعب لابد أن يشارك الشعب بكل قواه السياسية والاجتماعية فى صنعه.. ولابد أن يعكس التوافق الاجتماعى . فالدستور لا يعكس رغبات وطموحات الأغلبية فحسب، بل بالأساس يحمى حقوق الأقليات والمستضعفين...

جاء ذلك فى افتتاحية للمائدة المستديرة التى عقدتها اللجنة مساء 29 فبراير 2012 عن الإطار العام للدستور الذى تحتاج إليه مصر ويلى أهداف الثورة وطموحات الشعب. وشارك فيها العديد من أساتذة القانون الدستورى والسياسيين.

كما حذر الدكتور حلمى الحديدى من أن الدستور سيكتب فى ظل وجود رئيس جديد، وبالطبع سيسعى لأن يقر له الدستور سلطات واسعة، كما كان الحال فى الدساتير السابقة، وعانينا منه، من ناحية أخرى لا يجب أن ينفرد البرلمان بوضع الدستور أو باختيار الجمعية التأسيسية التى ستكتبه. لأن الدستور يحدد العلاقات بين مؤسسات الدولة التشريعية والتنفيذية والقضائية، وأيضا بين الشعب والدولة .. لذلك لا تنفرد بالاشراف على كتابته مؤسسة واحدة.. فالدستور هو الذى ينشئ البرلمان ويحدد اختصاصاته وليس العكس..

المشكلة الأخرى ، أن دستور 1971 الذى طالب الشعب باسقاطه.. لم يسقط بعد، لكنه تعطل.. أو تم تعطيله.. وقد يتم اللجوء لاستخدامه وإعادته عند اللزوم.

إشكاليات كثيرة ، يرى د.حلمى الحديدى، إن سببها يرجع إلى سلوك طريق مختلف عما سلكته كل الشعوب فى صياغة دساتيرها.. حيث تم الاصرار على إقامة مؤسسات الدولة قبل كتابة الدستور.. فتم انتخاب مجلس الشعب والشورى وسيتم انتخاب رئيس الجمهورية دون أن يكون هناك دستور يحدد اختصاصات أى منهم.. وكان الأولى أن يكتب الدستور أولا.

وأضاف الدكتور عاطف البنا.. أستاذ القانون الدولى ، أن الواقع السياسى وعلاقات القوى الواقعية بين مؤسسات الدولة قد تعطل أكثر الدساتير ديمقراطية.. وضرب مثالا على ذلك بأن دستور 1971، يمنح الكثير من الحقوق للسلطات التشريعية والقضائية ، لكن تغول السلطة التنفيذية، واتساع السلطات المطلقة لرئيس الجمهورية ، قلص بالفعل من سلطات البرلمان والقضاء.. حيث كان الرئيس يكلف البرلمان بما يرغب.. والبرلمان ينفذ ومجرد التكليف يشكل تعديا على حقوق البرلمان ، لا يقره الدستور.

من ناحية أخرى تنتقص القوانين فى كثير من الأحيان من الحقوق الواردة فى الدستور.ز فدستور 1971، يحدد ضمانات توفير الحريات العامة، ويحد من سلطات الرئيس والسلطة التنفيذية..لكن القوانين تنتقص فى الواقع من سلطات السلطة القضائية ، وتبيح لوزير العدل (ممثل السلطة التنفيذية) اختيار رؤساء المحاكم الابتدائية ، وتسمح له بالتدخل فى شئون القضاء . كذلك تبيح القوانين لرئيس الجمهورية حق اختيار رئيس المحكمة الدستورية العليا، والنائب العام .. وهذا انتقاص من السلطة القضائية لصالح السلطة التنفيذية.

ويؤكد د. عاطف البنا أن دستور 1971 ، كان وسطيا بين النظامين الرئاسى والبرلمانى، لكننا فى الواقع كنا إزاء نظام فردى وحكم مطلق، وخروج على روح الدستور ونصوصه.. ولكن ثورة 25 يناير ثارت على ذلك، ويطالب الجميع بتقليص سلطات رئيس الجمهورية ، إلى أن تستقر الأوضاع فننتقل مرة أخرى إلى نظام برلمانى؟، باعتباره المخرج من الحكم الديكتاتورى، الفردى، الفرعونى. وتمنح السلطة التنفيذية لحكومة مؤيدة من الأغلبية البرلمانية. وأن يحتكر البرلمان سلطة التشريع، ولا يتم منح الرئيس أو الحكومة تفويضا تشريعيا من البرلمان إلا لفترة محددة وفى مهمة وظروف معينة ووفق شروط صارمة...

فى نفس الإطار، يرى د.حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن غياب أو ضعف الأحزاب السياسية والمجتمع المدنى والمؤسسات التى تعكس الرأى العام، وتوفير ضمانات لممارسة الحريات العامة، وحرية الصحافة ووسائل الاعلام.. غياب ذلك .يمكن الرئيس من أن يمضى على هواه وأن يخترق الدستور..

وأشار إلى أن الطريقة الراهنة التى يتم بها كتابة الدستور عبر مسبوقة فى العالم .. فالدستور لا تنفرد بكتابته مؤسسة واحدة؟، بل تكتبه جمعية تأسيسية منتخبة، أو مختارة وفقا لمعايير محددة .
ويتوقع د. نافعة ، أن تكون عملية اختيار الجمعية التأسيسية معركة تأخذ الكثير من الجهد والوقت،وقد لا تخضع لأية معايير منضبطة .كذلك لا نعرف ماذا يحدث لو لم تتفق الجمعية التأسيسية على مشروع دستور ، خلال فترة الأشهر الستة الممنوحة لها ؟

ويتفق د.حسن نافعة مع الرأى القائل بأن عدم كتابة الدستور قبل الانتخابات التشريعية والرئاسية، بمثابة وضع العربة أمام الحصان، وفرض عليان إشكاليات صعبة.. منها : انتخاب برلمان لا يعرف صلاحياته، بل قد يرى الدستور الجديد إلغاء مجلس الشورى، بعد أن انتهينا للتو من انتخابه.. أيضا سيأتى رئيس جديد , لا نعرف ولا هو يعرف حدود صلاحياته!! وهل له الحق فى حل البرلمان أم لا؟ ومن اليوم الأول لرئاسته ستتفجر المشكلات بينه وبين البرلمان حول صلاحيات كل منهما.

ويرى نبيل زكى، الكاتب الصحفى ورئيس تحرير جريدة الأهالى السابق، أن الثورة حددت غايات واضحة للدستور.. إقامة دولة مدنية. وتأكيد مبدأ سيادة الأمة ، وتداول السلطة، والفصل بين السلطات وتقليص سلطات رئيس الجمهورية، ومسئولية الحكومة أمام البرلمان. وليس أمام الرئيس.. وضمان الحريات العامة وحقوق الإنسان..

ويرفض نبيل زكى ، أن يتولى البرلمان منفردا اختيار الجمعية التأسيسية خاصة وأن القضاء ينظر دعاوى للطعن فى نتائج الانتخابات التشريعية قد تؤدى إلى حل مجلس الشعب.

من ناحية أخرى ، يرى الأغلبية البرلمانية أن لها الحق فى أن تكون الأغلبية أيضا فى الجمعية التأسيسية .. وأن يعكس الدستور الجديد رؤاها بينما يرى نبيل زكى أن الدستور لا تكتبه الأغلبية ، بل على العكس يضمن بالأساس حقوق الأقليات والمستضعفين.. ولابد من مشاركة النساء والشباب والأقباط والنوبيين وعرب سيناء والواحات ومطروح بنسب محترمة فى الجمعية التأسيسية ، كما أكد على ضرورة أن ينص الدستور الجديد على انتخاب الرئيس ونائبه فى عملية واحدة.. وضرورة حل مجلس الشورى الذى يتولى الرئيس تعيين ثلث نوابه ..كما لا يجب أن يعطى رئيس الجمهورية الحق فى حل البرلمان.

وقال محسن بدوى، ممثل حزب النصر العربى المصرى، أن ثورة يناير لم تنته بعد، ولم تسفر بعد عن نتائجها،وأن القوى التى صنفت الثورة لم تتصدر المشهد السياسى بعد، ولم تتولى السلطة فى البلاد، واستمرار الصدام بين السلطة القائمة وبين قوى الثورة يثير المخاوف من استمرار التوتر السياسى والانفلات لأمنى وعدم الاستقرار والدخول فى مواجهات أشد حدة.
هذا، فضلا عن أن هناك نزاعات قضائية بشأن شرعية البرلمان المنتخب المكلف بتشكيل جمعية تأسيسية لكتابة الدستور .. ولو صدرت أحكام قضائية تطعن فى شرعية البرلمان .. سيكون الدستور نفسه مطعونا فى شرعيته..

من ناحية أخرى تسعى الأغلبية الاسلامية فى البرلمان لفرض سطوتها على الجمعية التأسيسية ، وكتابة الدستور وفقا لرؤاها وتوجهاتها فقط.. وبناء عليه، دعا محسن يروى ، للاتفاق على دستور مؤقت لفترة محددة ومحدودة ، تتوافق عليه كل القوى الاجتماعية والسياسية فى مصر ، حتى يكتب الدستور بتأنى، ولا تحتكره قوى ، وتكتبه منفردة بعيدا عن مشاركة كل القوى الاجتماعية والسياسية فى مصر . فالدستور لابد أن يكتبه الشعب برمته ويدافع عنه عند اللزوم .. كما كان الحالى مع دستور 1923، الذى تصدى الشعب للدفاع عند كثيرا ، ولازال يحتفظ بمكانة خاصة فى وجدان الشعب المصرى .. رغم إصدار العديد من الدساتير من بعده...

وشكك د.ثروت بدوى ، أستاذ القانون بطلية الحقوق جامعة القاهرة، فى شرعية تولى المجلس العسكرى إدارة شئون البلاد، فالرئيس المتنحى ، وفقا للدستور، لا يحق له أن يعهد بسلطاته لمن يختار، إلا وفقا للدستور.. والدستور لا يذكر إطلاقا المجلس الأعلى للقوات المسلحة.. وبالتالى ، فأن كل ما إتخذه المجلس العسكرى من قرارات، ليس لها سند قانونى، بما فى ذلك الاعلان الدستورى ، والدعوة للاستفتاء ، ولإنتخاب مجلس الشعب والشورى. والانتخابات الرئاسية.

وشكك أيضا فى شرعية حصول الأخوان المسلمين حزب الحرية والعدالة على هذه النسبة الضخمة من مقاعد المجلسين .. مشيرا إلى أن الانتخابات بالقائمة ليست معبرة عن إرادة الناخبين .. فى دولى ليس فيها أحزاب قوية .. وإعادة توزيع للدوائر الانتخابية بصورتها الحالية يجعل من المستحيل على الناخب أن يعرف المرشحين ... ولا على المرشح أن يتواصل مع الناخبين .. نظام لا يسمح بدعاية والترشح إلا لأصحاب الأموال الطائلة .

وأكد د. ثروت بدوى على معارضته للنظام الرئاسى ، الذى لم يثبت كفاءة إلا فى الولايات المتحدة الأمريكية .. حيث يوجد برلمان قوى وله سلطات واسعة، وكذلك محكمة عليا ،وحكومة لكل ولاية أمريكية تتمتع بصلاحيات واسعة .. وكل هذه المؤسسات تحد من سلطات الرئيس الأمريكى.
وأسفرت التجربة المصرية الخاصة باقامة نظام رئاسى منذ عام 1956 ، عن سلطة مطلقة لرئيس الجمهورية ، وأدوار هامشية للبرلمان وللسلطة القضائية.

وجدد د. ثروت الدعوة لانتخاب جمعية تأسيسية ، تتولى كتابة الدستور، بمعزل عن نفوذ البرلمان والرئيس وأية أطراف تسعى لكتابة الدستور الجديد وفقا لمصالحها ورؤاها الخاصة.

وأكد الكاتب الاسلامى جمال نهرى، على أهمية الارتقاء بأخلاقيات وممارسات النخب السياسية التى لعبت الدور الأكبر فى صناعة الأنظمة الديكتاتورية ، وطغيان الديكتاتور وتوسيع سلطاته ليهيمن على البرلمان والقضاء وكل مؤسسات الدولة.. ولابد للنخب السياسية أن تعترف بمسئولياتها عن ذلك لأنها لو استمرت فى تلك الممارسات ستصنع ديكتاتورا جديدا لا يخضع لدستور أو قانون ونعيد بناء النظام الذى هبت الثورة لتغييره.

هكذا انتهت الندوة بطرح المزيد من الشكوك والتخوفات حول عملية كتابة واصدار الدستور الجديد ..

وأكد د.حلمى الحديدى ، أن دستورا يكتب بعيدا عن مشاركة الشعب ،لن يحميه الناس، ولن يكون أكثر من حبر على ورق. وقد يدخلنا مرة أخرى فى عمليات متكررة ومتتالية من التعديلات الدستورية.