بيانات

بيانات

البيان الختامي لاجتماع لجان التضامن العربية التاسع والعشرون 27-28 مارس 2019

البيان الختامي
لاجتماع لجان التضامن العربية التاسع والعشرون
27-28 مارس 2019

نحن ممثلي لجان التضامن العربية (مصرـ فلسطين ـ العراق ـ لبنان ـ المغرب ـ السودان ـ ليبياـ سورياـ البحرين ) المنبثقة عن منظمة تضامن شعوب أفريقيا وآسيا المجتمعين في الاجتماع التاسع والعشرين للجان التضامن العربية بالقاهرة ، نعلن إننا في أشد الحاجة للتضامن بين شعوبنا العربية وكل شعوب العالم التي تتطلع لأن يسود عالمنا السلام الذي بدونه لا نستطيع أن نمضي قدما في بناء دولنا الوطنية السليمة القائمة على المدنية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية ، لكي تظفر شعوبنا العربية بحياة كريمة خالية من المخاطر الجسيمة التي تهدد بتدمير دولنا الوطنية ، حيث إن الوضع الدولي والإقليمي يزداد تدهورا بوتيرة غير مسبوقة، إذ أصبح خطر التسلح النووي والارهاب وخطابات الكراهية المتبادلة يتعاظم يوما بعد يوم وينتشر عالميا .

لقد تنامت في السنوات الأخيرة قوى اليمين المتطرف في أوروبا وأمريكا ودول أخرى ويعكس صعود هذا التيار النتائج السلبية للعولمة وفشل مؤسساتها في تحقيق النمو وتحسين أحوال الشعوب .

وقد أفرد الاجتماع جلسة خاصة لبحث اتفاقية سايكس بيكو ودلالاتها التاريخية فى مسألة تقسيم العالم العربى وأظهرت النقاشات بجلاء المآسى المريرة التى الحقتها بريطانيا والدول الإستعمارية بشعوب البلدان التى استعمرتها من إضطهاد وسيطرة ونهب وإفقار وتخلف.

وأكد المجتمعون على مطالبة الحكومة البريطانية عرابة وعد بلفور بتقديم تعويضات لشعوب الدول التى التى استعمرتها نتيجة سياساتها الظالمة تجاه هذه الشعوب.
لقد اسهمت الولايات المتحدة في إشعال الأزمات وعدم الإسهام في حلها وخلق بؤر توتر في مختلف بقاع العالم ، كما وحال الأزمة السورية التي عانى منها الشعب السوري على مدار ثماني سنوات وراح ضحيتها ما يقارب نصف مليون مواطن سوري، إضافة إلى ما تسببت فيه من تدمير البنى التحتية في سوريا ونزوح ملايين المهجرين .. ولم يستطع المجتمع الدولي، رغم كل النداءات الإنسانية ، أن يوفر لهم حلولا تخفف من معاناتهم . فالدول الغربية لازالت تمنع و تعرقل وصول المساعدات الإنسانية للسوريين ، وإن الولايات المتحدة تمضي في عرقلة أي اتفاق مما يلقى الضوء على وجود أجندة خفية وغير معلنة للولايات المتحدة الأمريكية تشي بدعمها للارهاب الدولي.

إن الأوضاع في سوريا تزداد تعقيدا لا سيما بعد الترويج لخطاب شيطنة إيران والتهديد بما يسمي الخطر الإيراني في المنطقة ، إضافة إلى تصريحات ترامب بوضع الجولان تحت السيادة الإسرائيلية بالضد من قرارات الشرعية الدولية ومجلس الأمن التي تؤكد أن الجولان أراضٍ سورية محتلة.

ولاتزال سياسة تفكيك وتقسيم الدول الوطنية وزعزعة استقرارها مستمرة تمثل نهجا ثابتا من قبل الامبريالية منذ اتفاقية سايكس بيكو ووعد بلفور حتى يومنا الحالي.

ولازلنا نشاهد مأساة العرب في اليمن والدمار الذي لحق بها وموت عشرات الآلاف من اليمنيين ، الأمر الذي جعل من الوضع في اليمن كارثة إنسانية بكل المقاييس إن الحرب الجارية باليمن هي حرب بالوكالة بامتياز، وإننا نأسف من فشل الوساطات الدولية من قبل الأمم المتحدة في إحداث إي انفراجة وآخرها اتفاق استكهولم حول ميناء الحديدة الذي لم يصمد طويلا ولاتزال الأزمة في اليمن تحتاج إلى جهود دولية وإقليمية مكثفة وتفعيل أكثر لدور الأمم المتحدة ومبعوثها الدولي لايجاد انفراجة في الوضع اليمني.

وفي ليبيا لاتزال حالة عدم الثقة تهيمن على الأطراف الليبية كافة ، حيث إن جميع المحاولات لم تأت بنتائج ملموسة على الواقع السياسي في ليبيا وأصبحت الأجندة الليبية مكشوفة أمام جميع القوى في الخارج وانقسمت الولاءات مما زاد من تعقيد الأزمة الليبية ، وأصبح تحقيق المصالحة بحاجة إلى أجندة وطنية كشرط ضروري لاستعادة ليبيا عافيتها.

ويدعو اجتماع اللجان العربية إلى ضرورة إنهاء حالة الفرقة والإنقسام لتوحيد المؤسسات السياسية والعسكرية والأمنية الليبية فى ظل دستور مدنى ديمقراطى ترعاه الأمم المتحدة يضمن الحقوق والحريات تحت إدارة حكومة وطنية تحافظ على وحدة البلاد وتتولى مهام الإعمار وإزالة آثار الدمار.

وفي الوقت الذي تمارس إسرائيل عدوانها على الشعب الفلسطيني نجد أن الولايات المتحدة لم تحرك ساكنا في مواجهة هذه الأعمال الوحشية الإسرائيلية ضد الفلسطينيين ، بل إنها أقدمت على إلغاء حصتها في ميزانية منظمة الأونروا واغلاق السفارة الفلسطينية في واشنطن.

وكان نقل السفارة الأمريكية إلى القدس واعتبارها عاصمة إسرائيل يشير إلى عدم وجود نية لديها للعمل على إيجاد حل عادل على أساس مبدأ الدولتين واعتبار القدس الشرقية عاصمة لفلسطين وحل مشكلة اللاجئين وضمان حق العودة وفق قرارات الأمم المتحدة ويبقى الانقسام بين الفصائل الفلسطينية عاملا سلبيا في تمكين الشعب الفلسطيني من تحقيق أهدافه ، وهذا الانقسام يؤثر على الزخم العالمي في تأييد قضايا الشعب الفلسطيني الأمر الذي يستوجب من الفلسطينيين ضرورة انهائه. داعين الطرف الذى تسبب به بالعودة إلى ترجيح العقل وعدم العبث بالثوابت الوطنية الفلسطينية.

هناك مسألتان ستؤثران حتميا على التطورات المقبلة في المنطقة . المسألة الأولى تتعلق بتزايد قوة العلاقات بين بعض الدول العربية وإسرائيل مما يؤدى إلى إضعاف الظهير العربي للشعب الفلسطيني والخروج من جوهر المبادرة العربية الداعية إلى إقامة الدولة الفلسطينية قبل التطبيع. أما المسألة الثانية فتتصل بالاعلان الأمريكي عن تشكيل تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي أو ما يسمى بالناتو العربي المكون من الولايات المتحدة وبعض الدول العربية ليتولى مهمة تطبيق صفقة القرن وتصفية القضية الفلسطينية.

وقد أكد المجتمعون على إدانة الخروقات والانتهاكات الإسرائيلية المتكررة للبنان وأدانوا الأطماع الإسرائيلية في ثرواته النفطية والغازية . وشددوا على حق اللبنانيين في الاستفادة من ثرواتهم الوطنية دون أي ضغط أو تدخل . كما أكدوا على حق اللبنانيين في تحرير ما تبقى من أراضيهم بكل الوسائل بما فيها المقاومة.

وفي الأونة الأخيرة شهدت دولتي السودان والجزائر تحركات جماهيرية تتسم بالطابع السياسي والمطالبي لتحسين الأحوال المعيشية المتدهورة وتفشي الفساد وارتفاع الأسعار، تلك التحركات المشروعة التي تعكس انعدام الثقة بين أوساط شاسعة من الجماهير والسلطات الحاكمة التي لا تزال تتعنت بعدم الاستجابة الكاملة والعادلة لمطالب الجماهير ، وإن تطور الأوضاع بهذا الشكل قد يؤدي إلى تعقيدات أكبر الأمر الذي يجعل من تلبية مطالب الجماهير العادلة ضرورة لا بد منها .

وفى العراق وعند نهاية عام 2017 تم الإعلان عن تحرير كامل الأراضى العراقية من قبضة تنظيم داعش الإهاربى بعد أن عانت البلاد لأكثر من ثلاث سنوات من بطشه وجرائمه الوحشية مما أدى إلى تشريد الملايين وقتل الآلاف من العراقيين وهو ما يزال يواجه جملة من المشاكل تقف فى مقدمتها مهمة تخليص البلاد من بقايا الإرهاب ومخلفاته الفكرية إلى جانب العبء الثقيل الذى تتطلبه عمليات إعادة الإعمار وعودة المهجرين إلى مدنهم وحياتهم الطبيعية كما تتطلب البلاد مهام جسام أخرى تتمثل بتفعيل مبادرات المصالحة الوطنية ومواجهة آفة الفساد ونبذ المحاصصة الجهوية الضيقة وبناء دولة وطنية مدنية حقيقية.

إن اجتماع اللجان العربية يدعم الجهود الرسمية والشعبية لبناء الدولة فى العراق وفق معايير المواطنة والعدالة والمساواة بما يعزز الوحدة الوطنية والتنوع ويرسخ السلم الأهلى ويبارك الاجتماع الإصلاحات وإتخاذ التدابير الفعالة لمعالجة الآثار الناجمة عن حقبة الحرب على داعش كما يثمن الإجتماع سياسات عودة العراق إلى محيطه الإقليمى والدولى على أساس المصالح المتبادلة المتكافئة وعلى قاعدة احترام قراره الوطنى المستقل بعيداً عن سياسات المحاور والتقاطعات الإقليمية والدولية.

وإذ يحيى المجتمعون الفوز الذى حققته قائمة "تقدم" والوطنيون الديمقراطيون فى الإنتخابات النيابية الأخيرة فى مملكة البحرين والأجراءات المنفتحة فى مجال الحريات الشخصية والاجتماعية ، فإنهم يدعون إلى مزيد من الإنفتاح السياسى فى كامل المنطقة وإشراك الشعوب فى صنع وتنفيذ القرار السياسى والاقتصادى والمشاركة في مسألة الحرب والسلام، مما يسمح بمواجهة التحديات الكبيرة أمام منطقة الخليج والعالم العربى.


كما يدعو إلى إنتهاج ما يعزز الوحدة والسلم والإستقرار وحل النزاعات الإقليمية بالطرق السلمية العادلة ونبذ سياسة التحالفات والتكتلات الأمنية ما يحول منطقة الخليج والجزيرة العربية إلى منطقة سلم وتعاون ودعم للقضايا العربية العادلة وفى مقدمتها قضية الشعب العربى الفلسطينى.

ونؤكد على دعم التحولات الديمقراطية المستمرة فى تونس وجهودها فى مكافحة الإرهاب الذى يحاول زعزعة استقرارها.

ويجدد الاجتماع دعم اللجان العربية للمسعى السلمى المغربى بإيجاد حل واقعى متوافق عليه وقابل للتحقيق للنزاع الإقليمى حول الصحراء المغربية تحت إشراف منظمة الأمم المتحدة وإستنادا على المبادرة المغربية بإقرار الحكم الذاتى فى المنطقة المتنازع عليها .

ويأمل المجتمعون أن تساعد التطورات السياسية الجارية فى الجزائر على مراعاة مصالح دول المغرب العربى بدوله الخمس فى النهوض باتحادها المعطل ليكون اتحاداً يعزز بناء الدولة الوطنية الحقيقية فى ربوع الشمال الأفريقى العربى.

ويحى المجتمعون الدور الذى قامت به مصر وماتزال فى إجهاض مؤامرات تقويض كيان الدولة الوطنية فى بلدان منطقتنا العربية وتمسكها بسيلسة حماية كيان الدول الوطنية من خلال رفض التدخلات الأجنبية فى قراراتها الوطنية المستقلة مع الإصرار على إيجاد حلول سلمية لكل المشاكل والأزمات العربية العربية.

يدعو المجتمعون إلى ضرورة التوافق بين الأطراف السودانية كافة من أجل إستقرار السودان وتجنب الإنزلاق فى الفوضى التى عانت وتعانى منها بعض بلدان ما يسمى بالربيع العربى بعيداً عن التعارضات السلبية غير المجدية لحاضر ومستقبل بناء الدولة الوطنية الحقيقية فى السودان.

وناقش المجتمعون أهمية تعزيز التعاون الأفريقي العربي مما له من فوائد ومصالح متبادلة تسهم بالخير والتطور لشعوب المنطقتين ، ويناشد كل من الاتحاد الأفريقي والجامعة العربية بتنفيذ البرامج التنموية الاجتماعية ، مما يعزز الاستقرار والرخاء والوحدة بين شعوب منطقتنا.

ويقدم المجتمعون/ العزاء للجنة المصرية للتضامن لفقدانها أحد قادتها البارزين وهو الكاتب والمفكر والسياسى الكبير الأستاذ نبيل ذكى الذى وافته المنية مؤخراً ، ويمثل فقده خسارة كبيرة سواء لمنظمة التضامن أو اللجنة المصرية للتضامن . رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جناته .

ولا يفوتنا فى النهاية أن نتقدم بالشكر الجزيل والتقدير الكبير لمنظمة التضامن الأفريقية الآسيوية لتنظيمها إجتماع اللجان العربية التاسع والعشرين بالقاهرة . عاش كفاح شعوب أفريقيا وآسيا من أجل عالم أفضل يسوده السلام والعدالة .. عالم بلا حروب .. بلا مؤامرات .. بلا إرهاب .

القاهرة – جمهورية مصر العربية 27 - 28 مارس 2019.